ثوره مصر وتونس
لأنهما
لم تكونا بقيادة الجيش ولا بقيادة أي حزب
سياسي،فإن الحراك الشعبي الذي جرى في
تونس ومصر تحول لثورة حقيقية .ما
جرى في تونس ومصر استحضر خطاب وفعل الثورة
في العالم العربي، إلا أن هذا الاستحضار
جاء في زمن مغاير وظروف مختلفة عما كانت
عليه خلال العقود الماضية.سابقا
كان كل حديث عن الثورة وكل فعل ثوري موجها
ضد الاستعمار أو ضد أنظمة رجعية يمينية
أو دكتاتورية استبدادية لا تؤمن بالديمقراطية
ولا تأخذ بها بجدية،أما اليوم فالتحركات
الشعبية تطالب بالديمقراطية وتجري في
مواجهة أنظمة تقول بالديمقراطية وتزعم
بأنها تستمد شرعيتها من صناديق الانتخابات
،سابقا كانت نخبة سياسية أو عسكرية تقوم
بتحريض الجماهير على الثورة أو تنب عن
الشعب في مواجهة النظام القائم أما اليوم
فالشعب يتحرك بعيدا عن الأحزاب التقليدية
والتاريخية،بل تضع الثورة الأحزاب في
حالة من الإرباك مما يدفعها للهث لركوب
موجة الثورة و محاولة جني ثمارها
لصالحها.والجديد
أيضا أن جيل الشباب على رأس الحراك المطالب
بالتغيير ،الثقافة الديمقراطية مكنت
الشباب من أخذ دور الريادة والثورة
المعلوماتية وخصوصا الانترنت والفضائيات
مكنت الشباب ومجمل الجماهير من التواصل
مع بعضهم وتوجيه مجريات الثورة دون الحاجة
للتنظيمات الحزبية التي كانت تلعب هذا
الدور،أيضا العولمة الثقافية وتبني
العالم أجمعه لمنظومة حقوق الإنسان وقيم
وثقافة الديمقراطية جعل مطالب الشباب
مفهومة ومقبولة وبالتالي تجد تجاوبا
وتأييدا من العالم الخارجي
ما
جرى في
تونس
ومصر من
أحداث
مرحلة
ثورية
جديدة
وهي
الثورة
الشعبية
الديمقراطية
.الثورة
التونسية
والمصرية
أعادتا
الاعتبار
للوطن
والوطنية
.فعندما
ناضلت
الجماهير
العربية
ضد
الاستعمار
وضد
أنظمة
القمع
والاستبداد،
لم يكن
واردا
أن تصادر
نضالاتها
ومعاناتها
وتضحياتها
ويتم
تسييرها
لنخب
وأحزاب
جديدة تقوم بالسيادة
عليها
.
ناضلت
الجماهير
من أجل
استقلال
الوطن
وحريته
باعتبار
الوطن
الفضاء
الذي
يوفر
لهم
الحرية
والكرامة
،وعندما
منحت
الجماهير
ولاءها
للحركات
والأحزاب
التي
قادت
الثورة
ضد
الاحتلال
إنما
مراهنة
منها
على أن
هذه
الحركات
ستواصل
نضالها
بعد
الاستقلال
لقيام
وطن حر
مستقل
يوفر
للمواطنين
الحياة
الكريمة
ويقيم
عدالة
اجتماعية
،ما لم
يخطر
على بال
الجماهير
أن تتحول
السلطة
(الوطنية
)
،التي
قامت
بعد
الاستقلال
أو بعد
إسقاط
الأنظمة
الملكية
والرجعية،
لهدف
بحد ذاته
وأن
يتحول
قادة
الثورة
لنخبة
حكم
تستبد
بالسلطة
ويورث
القائد
الثوري
الحكم
لأبنائه
من
بعده،أيضا
لم يكن
في
الحسبان
أن تؤدي
الديمقراطية
إلى
تكريس
سيطرة
الحزب
المهيمن
والرئيس
الأوحد
.
في المجتمعات الديمقراطية العقلانية وحيث أن من يتبوأ مواقع السلطة منتخبون من المجتمع ويعبرون عن رغباته وتطلعاته ويستطيع الشعب التحكم في ممارساتهم ومراقبتهم وتغييرها بالانتخابات وبضغط الرأي العام الخ ،فإن علاقة تصالحية تربط ما بين السلطة والمجتمع وما بين السلطة والوطن،وبالتالي فإن الأحزاب والقوى التي تتنافس أو تتصارع للوصول إلى السلطة لا تخرج عن إطار المصلحة الوطنية حيث يبقى التنافس والصراع ضمن ثوابت ومرجعيات الأمة ،صحيح أن السلطة تمنح امتيازات وتحقق مصالح للنخب الحاكمة ولا تخلو أحيانا من فساد واستغلال نفوذ، ولكن هذه النخب في المقابل تعمل من أجل المصلحة الوطنية أو الوطن بما هو المشترك بين كل مكونات المجتمع من أفراد وجماعات وثقافات فرعية وأحزاب سياسية
أما
في العالم العربي، فقد فهم البعض أو أراد
أن يفهم الشعب أنه بالاستقلال وقيام
الدولة انتهى النضال والعمل من اجل الوطن
وان المرحلة مرحلة جني ثمار الاستقلال
من خلال مغانم وامتيازات السلطة ،نسى
وتناسى هؤلاء أن النضال الحقيقي يبدأ ما
بعد الاستقلال ،ما بعد الاستقلال يبدأ
الجهاد الأكبر أو النضال الحقيقي لتوفير
الحياة الكريمة للمواطن الذي لم يكن هدفه
من الانخراط في حركة التحرر الوطني وفي
الثورة أن يكون له علم ونشيد وجيش وطني
فقط ،بل ناضل من اجل الحرية والحياة
الكريمة التي كان يفتقدها في ظل الاستعمار
وفي ظل الأنظمة الاستبدادية المأجورة
منذ
الاستقلال ونحن نشهد صراعا على السلطة
،غالبا ،إن لم يكن كليا، صراعا دمويا غير
ديمقراطي عبر الانقلابات التي سميت
ثورات وعبر حروب أهلية أو انتخابات شكلية
لا علاقة لها بالممارسة الديمقراطية
الحقيقية،وكل ذلك كان وما زال يتم باسم
الوطن والمصلحة الوطنية أو باسم الدين
،وحتى اليوم، فالذين يتمسكون بالسلطة
يستقوون بالأجهزة الأمنية والجيش ،والذين
يتطلعون إلى السلطة عبر العنف السياسي
أو الجهادي وغالبية الذين يتطلعون للسلطة
ويناضلون للوصول إليها موظفين خطاب
الثورية والوطنية أو خطاب الديمقراطية إنما يتطلعون للوصول للسلطة كهدف بحد
ذاتها هذا
ما لمسناه خلال العقود الماضية حيث أن من
يصل للسلطة ينسى كل شعاراته الكبيرة عن
الوطن والوطنية ويصبح هدفه الحفاظ على
السلطة والتمتع بامتيازاتها على حساب
الوطن كفضاء للحرية والحياة الكريمة
والعدالة الاجتماعية لكل المواطنين،وهنا
نلاحظ كيف أن تضخم السلطة في العالم العربي
يتواكب مع انهيار الوطن والدولة الوطنية
،نلاحظ أن نخب السلطة تزداد ثراء وفسادا
،فيما الوطن ينهار وتصبح الدولة الوطنية
محل تساؤل ،من الصومال إلى السودان واليمن
والعراق، حتى مصر والجزائر ولبنان ليسوا
بعيدين عن أزمة الدولة الوطنية.
السلطة
في العالم
العربي
حلت محل
الوطن،
وأصبح
نضال
غالبية
الأحزاب
والنخب
ليس من
اجل
الوطن
بل من
أجل
السلطة،فليس
بعد
الوصول
للسلطة
من جهد
إلا
للحفاظ
عليها.السلطة
كأشخاص
ومؤسسات
وعلاقات
سلطوية
بين
الحاكمين
والمحكومين
ليست
الوطن،
بل أداة
تنفيذية
لاستقلال
الوطن
إن كان
محتلا
ولبنائه
إن كان
مستقلا
ولحمايته
إن كان
مهددا،
ذلك أن
هدف كل
سلطة
سياسية
في أي
مجتمع
هو تأمين
المجتمع
من
المخاطر
الخارجية
وتحقيق
الوفاق
والانسجام
الداخلي
بين
مكونات
المجتمع،كما
أن السلطة
أحد
مكونات
الدولة
بالإضافة
إلى
الشعب
والإقليم
.وفي
جميع
الحالات
وبغض
النظر
عن مصادر
شرعية
السلطة
السياسية
القائمة
يجب أن
تكون
العلاقة
واضحة
ما بين
السلطة
ذات
السيادة
والدولة
والمجتمع
،والانسجام
بين هذه
المكونات
الثلاثة
ينتج
ما يسمى
الوطن
كحاضنة
مادية
ومعنوية
للمواطن
وكانتماء
وشعور
يحمله
معه
المواطن
أينما
حل
وارتحل.السلطة
وحدها
ليست
وطنا
والدولة
لوحدها
ليست
وطنا
،فالمواطن
يخضع
لهما
قانونيا
ولكنهما
لا تشكلا
انتماء
وجدانيا
،وحتى
المجتمع
قد لا
يشكل
وطنا
لأبنائه
في بعض
الحالات
فكثير
من
الأفراد
يشعرون
بأنهم
ساكنة
وليسوا
مواطنين
حيث
ينتابهم
إحساس
بالاغتراب
الاجتماعي
والسياسي
في
مجتمعاتهم،والتطلع
للهجرة
للخارج
وخصوصا
بالنسبة
للمثقفين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق